13 أغسطس 2009

شخصيات من تاريخنا (3)
الأنبا يوأنس بن شنوده والأنبا يوأنس ابن الأسقف
=================



الورقة 36ج من المخطوط 32 قبطي بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس.



مقدمة[1]:
في هذه المقالة سوف نلقي الضوء على شخصيتين من أفاضل أحبار كنيستنا في القرن الخامس عشر الميلادي. أولهما الأنبا يوأنس بن شنوده الذي كُتب عنه فيما سبق بلغات أجنبية
[2]، مما حَرَمَ قُراء العربية من التعرف على شخصيته المهمة. كما أنه خُلط بينه وبين أسقف آخر حمل نفس الاسم، وجُعلا شخصاً واحداً وهو الأنبا يوأنس ابن الأسقف خرستوذولو وربما كان ذلك الخلط لإشتراكهما في نفس الاسم، وتعاقبهما على نفس الإيبارشية، بينما كان لكلاً منهما ملامحه الخاصة، وشخصيته المستقلة، كما سوف نأتي بالشرح. ومن ثم آثرت نشر هذه المقالة عنهما، ولاسيما أنَّ المكتوب عنهما لا يتناسب مع مقدارهما، وجهادهما في مجاليّ إكرام القديسين، والإمنوغرافيا القبطية. ومن خلال هذا المقال سوف تُنشر لأول مرة معلومات عنهما بلغة الضاد (لمنفعة قارئيها)، مع موجز سريع عن حياتهما حسب ما أُتيحت ليّ فرصة جمع معلومات عنهما.


I- أنبا يوأنس بن شنودة (1430-1460م ؟):


أولاً: أسمه ولقبه:
من المخطوطات المختلفة نرى اسمه مسجل هكذا:
+ انبا يونس اسقف اسيوط ومنفلوط
[3].
+ الاب الاسقف المكرم انبا يونس اسقف اسيوط والشرق وما اضيف اليه المعروف بابن شنوده
[4].
+ يونس خادم الشعب المسيحى الارتدكسى بكرسى مدينة سيوط ومنفلوط وبوتيج وشرق الخصوص وما أضيف اليهم
[5].
+ الاسقف انبا يونس ابن شنوده اسقف كرسى سيوط وبوتيج ومنفلوط وشرق الخصوص
[6].
+ الاب الاسقف المكرم انبا يونس الاسيوطى
[7].
+ انبا يونس الاسيوطى
[8].
+ الاب الاسقف انبا يونس ابن شنودة المعروف بالخولى
[9].
- أما ذكر اسمه بخط يده فكان هكذا:
+ أنا الحقير المخاطب لمحبتكم ... خادم الشعب المسيحى بمدينة اسيوط
[10].
ونفهم من ذلك عدة أمور، نوجزها فيما يلي:
‌أ. والده بالجسد كان يُدعى شنودة المعروف بالخولي.
‌ب. غير أن البعض يرى أن لقب (ابن شنوده) يعني أنه كان أحد رهبان دير الأنبا شنودة بسوهاج
[11].
‌ج. في البداية كانت إيبارشية الأنبا يوأنس تشمل أسيوط ومنفلوط فقط
[12].
‌د. أضيفت إلى الإيبارشية في زمنٍ ما إيبارشية أو إيبارشيات أخرى لضعفها أو لقلة عدد المؤمنين، بدليل قوله: (وما أضيف إليهم)
[13].

ثانياً: تاريخه:
تذكر المراجع التاريخية أنه وُلد بناحية طوخ بكريمة المعروفة الآن باسم (دوينة) مركز أبوتيج ‑ محافظة أسيوط، وبهذه البلدة كنيسة أثرية على اسم القديس يوحنا المعمدان
[14]. أما عن تاريخ رسامته فهو غير معروف بالتحديد، ولكن من الثابت أنه رُسم بعد سنة 1138ش (1421م) لأن في هذه السنة كان أسقف كرسي أسيوط: أنبا غبريال الشهير بابن كاتب القوصية الذي كان رئيساً لدير أبي مقار، وهو الذي اشترك مع أنبا ميخائيل الغمري أسقف سمنود في رسامة البطريرك السرياني الأنطاكي مار باسيليوس بهنام الأول بكنيسة الشهيد العظيم فليوباتير مرقوريوس الشهير بأبي سيفين، بحارة البطريرك بمصر القديمة[15].
ومن مخطوط أخر نعرف خبر جديد عنه، وهو أنه عمل على نقل جسد الشهيد مار يوحنا الهرقلي إلى بيعتهُ (بقرية) أم القصور (بمركز منفلوط)، وذلك في يوم الخميس 19 أمشير سنة 1148ش (الموافق 14 فبراير 1432م)، وذلك من دير السيدة العذراء ومار مينا المعروف بمغارة شقلقيل (والمعروف الآن بالدير المعلق). وقد جعل هذا الأسقف سعيه لإتمام هذا العمل مكتوماً في قلبه سنتين من الزمان أو أكثر
[16].
وبالتالي من هذا نفهم أن "أنبا يوأنس" كان أسقفاً من نحو سنة 1430م أو ما قبلها بقليل.
علماً بأن في عهده أستشهد الشهيد الجديد "بسطوروس"، يوم الجمعة الموافق 28 برمودة 1150ش (23 أبريل 1434م)
[17].
بينما لم يكن حاضراً طبخ الميرون المقدس الذي تم بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم بالقاهرة سنة 1177ش (1461م) في عهد البابا متاؤس الثاني (الـ90) [1169-1182ش= 1452-1465م]
[18]. حيث يذكر كاتب مخطوط الميرون في هذه المرة ما يلي: " تم تسلم ابونا القس الاسعد ابرهيم البزار المعروف بابن عم الاب الاسقف المكرم انبا يونس اسقف اسيوط المعروف بن شنودة المتنيح نيح الله نفسه في الاحضان الابراهيمية ويرحمنا بصلاته... "[19].
أي أن أخباره المعروفة لدينا حتى الآن، محصورة في الفترة بين سنتي 1430-1460م، وذلك كما سوف نأتي بالشرح.


ثالثاً: أعماله:
1. إبصالية الأحد السنوي للسيدة العذراء:
وضع إبصالية آدام للسيدة العذراء مطلعها: Aina\; eqbe vai > aicaji 'en oujom …، وتُقال على ثيؤطوكية يوم الأحد في شهر كيهك، وذلك بشهادة مخطوط ترتيب البيعة الذي يقول: "ابصالية تصنيف الاب الاسقف المكرم انبا يونس اسقف اسيوط والشرق وما اضيف اليه المعروف بابن شنوده"
[20].
ثم صارت هذه الإبصالية تُرتل في اليوم الحادي والعشرين من شهر توت، وفي اليوم الحادي والعشرين من كل شهر قبطي
[21]. وفي النهاية استقر بها المطاف كإبصالية أولى تُقال على ثيؤطوكية يوم الأحد على مدار السنة، وقبل الإبصالية الأساسية ليوم الأحد والتي تُرتل على اسم ربنا يسوع المسيح[22]، والتي تبدأ بعبارة Aikw; ~ncwk > 'en ~p]wk ~mpa\ht…. علماً بأن أقدم نسخة نعرفها الآن من إبصالية العذراء ترجع لسنة 1160ش- 1444م[23].
ومن الطريف أن الطبعة الأولى لكتاب الإبصلمودية السنوية المقدسة والتي ظهرت بروما سنة 1764م بواسطة الأسقف القبطي الكاثوليكي روفائيل طوخي، لم تكن تحوي هذه الإبصالية. بينما نُشرت للمرة الأولى سنة 1624ش- 1908م مرتين في كتاب الإبصلمودية السنوية المقدسة، طبعة القس مينا البرموسي وكيل بطركخانة اسكندرية
[24]، وطبعة إقلاديوس يوحنا لبيب[25]، مما يُثبت أن هذه الإبصالية قد تكون مضافة حديثاً في سياق تسبحة نصف الليل السنوية.
ولكن الأمر المُلفت للنظر، أن إقلاديوس لبيب عندما طبع كتاب الإبصلمودية الكيهكية سنة 1627ش-1911م، لم يضع هذه الإبصالية بعد الهوس الرابع وقبل الإبصالية الآدام التي لربي يسوع المسيح على ثيؤطوكية يوم الأحد.
التحليل النقدي لإبصالية الأحد (الأولى):
أ- تتشابه مع الكثير من إبصاليات الأيام السنوية من حيث تركيبها الخارجي، فهي تتكون من 32 ربع، كل رُبع بها يبدأ بكلمة تبدأ بحرف من الحروف القبطية بالترتيب، من الـ A إلى الـ : ، وتتشابه في ذلك مع إبصاليتي السبت والأحد (الثانية) السنوية، ومعظم إبصاليات الأيام الكيهكية، مما قد يعني أنهم ينتمون لفترة زمنية متقاربة.
ب- بها الكثير من الإقتباسات في المجال اللغوي، أي المفرادات والعبارات والتراكيب، من ثيؤطوكية يوم الأحد
[26]. ولعل هذا يُفسر سبب إنتساب هذه الإبصالية لتسبحة يوم الأحد السنوية كإبصالية أولى، دون غيره من الأيام.

2. اشتراكه في وضع قطع كيهكية:
أ. وضع بعض قطع قبطية وهي: تفاسير واطس علي ثيؤطوكية يوم السبت }atywleb…
[27]، القطعة الأولي منها تبدأ بعبارة:Ic jen swrp sa rohi mm/ni… ، والقطعة الثانية تبدأ بعبارة: … Wou niben nem taio niben، والقطعة الثالثة تبدأ بعبارة: Al/ywc teoi nhukanoc…، وهكذا...
أي أنها تبدأ كل قطعة بحرف من حروف اسمه باللغة القبطية Iwann/c بالترتيب. ومما هو جدير بالذكر أن هذه المعلومة وردت بوضوح بإحدى المخطوطات المعاصرة له
[28]، بينما الأبصلمودية الكيهكية طبعة إقلاديوس لبيب تذكر اسم مؤلف هذه القطع المعلم يوحنا[29]، ومخطوط "ترتيب البيعة" السابق الذكر، ينسبها للمعلم يوحنا القليوبي[30].
ب. وضع سبع قطع تفسير على الثمانية الأجزاء الأولى فقط من ثيؤطوكية يوم الأحد Cemou]…، وأيضاً تبدأ كل قطعة بحرف من حروف اسمه بالترتيب Iwann/c، ولعل هذا ما يُفسر وضعه ثمانية قطع فقط (بعدد حروف اسمه قبطياً) ولم يُكمل بوضع قطع على باقي أجزاء الثيؤطوكية عينها. ومن الطريف أيضاً أن إقلاديوس يوحنا لبيب ينسب تلك القطع الثمانية للمعلم يوحنا أيضاً
[31].

أعمال غير ثابتة النسبة إليه:
ينسب العالم الألماني المشهور الأب G. Graf، هذه الأعمال له دون أن يذكر المرجع الذي استمد منه تلك المعلومة. فيذكر تحت اسم "الأنبا يوحنا الأسقف" (دون تحديد زمان ولا مكان رئاسته) ما يلي:
أ- تسع قطع مدائح عربي تُقال على ثيؤطوكية يوم السبت تُقال في عشية آحاد الصوم الكبير
[32]، أولها: «الصوم والصلاة يُخرجان الشيطان والزهد يهزم طغيانه...».
ب- كذلك مديح الأحد الخامس من الصوم الكبير
[33]، أوله: «الصوم نوره مشرق دائم والملائكة تفرح بالصايم...»[34].

رابعاً: اشتراكه في أعمال كنسية آخرى:
في تدشين هيكل الملاك غبريال بكنيسة الملاك ميخائيل بالخندق:
اشترك مع البابا يؤنس الحادي عشر (الـ89) [1143-1168ش = 1427-1452م] في تدشين هيكل الملاك غبريال بحري بيعة الملاك ميخائيل بالخندق (المعروفة بدير الملاك البحري، بحدائق القبة الآن). وقد كتب هذا الأسقف ميمراً مطولاً لهذا التكريز، ذكر فيه أسماء الآباء الأساقفة الحاضرين، وهم الأب البطريرك السابق الذكر وأنبا ميخائيل أسقف أطفيح وأهناس المدينة، والناسخ (أي أنبا يوأنس) في يوم 26 بؤونه
[35]، ولكن للآسف دون تحديد تاريخ التدشين بالكامل.
ولما كان قد حدث لبث من أحد الباحثين إذ خلط بين شخصية الأنبا يوأنس بن شنوده السابق الذكر وبين شخصية سَميه الأنبا يوأنس ابن الأسقف خرستوذولو وكلاهما كانا أسقفاً على نفس الإيبارشية أي أسيوط ومنفلوط و شرق الخصوص وأبوتيج وما أضيف عليها، وفي الغالب كانا متعاقبان على هذا الكرسي. لذا آثرتُ ولإتمام الفائدة أن أستعرض بعض المعلومات عن شخصية الأنبا يوأنس ابن الأسقف.


II أنبا يونس ابن الأسقف (1461-1481 م ؟)


أولاً: أسمه ولقبه:
من المخطوطات المختلفة نرى اسمه مسجل هكذا:
+ انبا يونس ابن الاب الاسقف انبا اخرستوذولوا بكرسى أسيوط
[36].
+ الاب الاسقف المكرم انبا يونس ابن الاب الاسقف انبا اخرستوذولوا اسقف مدينة سيوط ومنفلوط والشرق وابوتيج
[37].
+ انبا يونس اسقف سيوط ومنفلوط وبوتيج
[38].
- أما ذكر اسمه بخط يده فكان هكذا:
+ الحقير يونس خادم الشعب الارتدكسى بكرسى مدينة سيوط ومنفلوط وشرق الخصوص
[39] وما أضيف إليه[40].
نفهم من ذلك عدة أمور، نوجزها فيما يلي:
أ. كان أبناً لأحد الآباء الأساقفة، الذي كان يحمل اسم خرستوذولوس (عبد المسيح)، غير أن مكان أسقفيته مجهول لدينا الآن.
ب. من المحتمل أن يكون هذا الأسقف كان على إيبارشية إسنا مسقط رأس الأنبا يوأنس (كما سوف نأتي بالشرح).
ج. كان خلفاً (في الغالب مُباشراً) للأب الأسقف الأنبا يوأنس بن شنودة على نفس الإيبارشية الواسعة المترامية الأطراف، بما أًضيف إليها من إيبارشيات أُخرى.


ثانياً: نشاطه:
1. اشتراكه في تقديس الميرون المقدس سنة 1177ش:

اشترك هذا الأب الأسقف ضمن ستة أساقفة معاصرين له في عمل الميرون المقدس بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم بالقاهرة سنة 1177ش (1461م) في عهد البابا متاؤس الثاني الـ90 [1169-1182ش= 1452-1465م]
[41]، وقد وقع بخطه على مخطوط الميرون، وقد وقع بمخطوط الميرون قائلاً: "حضرت طبخ الميرون المقدس / (و) تكريزه بالكنيسه المذكوره فى خدمة / (الأب) البطريرك المشار اليه فى التاريخ / المدكور ظاهره وكتبه الحقير يونس / خادم الشعب الارتدكسى بكرسى / مدينه سيوط ومنفلوط وشرق الخصوص / وما اضيف اليه شاكرا الرب سبحنه" كذا. وللآسف خلط البعض بينه وبين الأسقف السابق الذكر، ولكن الحقيقة أن المخطوطات التي دونت خبر طبخ الميرون في هذه المرة أوضحت ذلك، أي أنه غير أنبا يوأنس ابن شنودة، حيث يذكر كاتب المخطوط ما يلي: " تم تسلم ابونا القس الاسعد ابرهيم البزار المعروف بابن عم الاب الاسقف المكرم انبا يونس اسقف اسيوط المعروف بن شنودة المتنيح نيح الله نفسه في الاحضان الابراهيمية ويرحمنا بصلاته... "[42].


2. حضوره مجمع كنسي للنظر في بعض المسائل الكنسية:
كذلك اشترك في مجمع الأساقفة الذي دعي إليه البابا غبريال السادس الغرباوي الشهير بابن قطاع العصفور الـ91 [1182-1191ش= 1466-1474م] بالقاهرة. وذلك للنظر في مسائل وأجوبة في الأملاك والتزوج والتسري والميراث في أقوال الآباء القديسين معلمي البيعة. ومما هو جدير بالذكر أنه توجد بمكتبة الدار البطريركية القبطية بالقاهرة عدة نسخ لأعمال هذا المجمع، أقدمهم يرجع تاريخ نسخة ليوم 15 مسري 1410ش (= الأربعاء 18/8/1694م)
[43]، وكان ترتيبه السادس بين السبعة الأساقفة الذين حضروا هذا المجمع[44].

3. أحضر جسد الأمير تادرس للقاهرة:
أحضر جسد الشهيد المكرم الأمير تادرس الأسفهسلار ابن يوحنا المصري من ديره بناحية بسرى (بُصره- شُطب)، صحبة أبونا إسحق رئيس الدير والتاج رشيد، إلى كنيسة الشهيد العظيم تادرس الأسفهسلار (المشرقي) ببابليون مصر بحرات بني وايل (خرطة الشيخ مبارك بمصر القديمة الآن)، وذلك على عهد القمص (جرجس) الشمس أبو المنصور بن القس التاج إسحق الحكيم المصري كاهن كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم، وذلك كان ليلة العشرين من شهر هاتور سنة 1198ش (الموافق الأحد 16/11/1481م)
[45].

4. وضع سير بعض الشهداء القديسين:
أ. وضع ميمر يشرح فيه سيرة وجهاد شهداء مدينة إسنا، وقد ورد هذا الميمر في خمس مخطوطات حسب علمنا حتى الآن، هم:-
1. المخطوطة 153 عربي بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس، الورقة 438ج-445ج، تاريخها 28 كيهك 1372 ش- 1655م
[46].
2. المخطوطة 780 عربي بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس، تاريخهما 1236 ش - 1520م
[47].
3. المخطوطة 638 مسلسل/ 44 تاريخ بمكتبة الدار البطريركية بالقاهرة، الورقة 55 ظ
[48].
4. مخطوطة محفوظة بكنيسة دير الشهداء بإسنا، وقد طُبعت في كتاب باسم "عظة الأحفاد في تاريخ الشهداء الأمجاد"، ولكن للآسف باسم أنبا بولس أسقف أسيوط، وهذا خطأ.
ومما هو جدير بالذكر أنه في هذا الميمر بعض الإشارات على أن الأنبا يوأنس على دراية كاملة بالتقاليد المحلية المتبعة بمنطقة هؤلاء الشهداء القديسين (إسنا)، مما قد يُعني أن أصله كان من تلك المنطقة
[49].
وفي الختام كانت هذه المقالة مجرد محاولة لتأريخ وتسجيل جهاد شخصين كانت لهما أيادٍ بيضاء في مجالي إكرام القديسين والإيمنوغرافية القبطية في القرن الخامس عشر الميلادي، فأثريا بذلك حقل الإبداع القبطي بصفة عامة، ومجال التسبيح في شهر كيهك بصفة خاصة.


الهوامش:
[1] كان لما نُشرت المقالة السابقة من سلسلة مقالاتنا "شخصيات من تاريخنا"، والتي كانت بعنوان "القمص إرميا الناسخ والقس سركيس"، بمجلة الكرمة الجديدة، العدد الثاني 2005م، ص 231-247. قد لاقت استحسان وثناء الكثيرين، وخصوصاً مجموعة من المتخصصين في علم القبطيات بمصر والخارج. الأمر الذي شجعني وجعلني أستكمل نشر باقي مقالات هذه السلسلة رغم عدم إتمام إعدادها بالصورة الأكاديمية اللائقة، لذلك أقبل بكل صدر رحب أي نقد بنّاء، أو أي ملاحظة علمية تُضيف إليها جديداً.
[2] الدراسات السابقة عن هذه الشخصية، راجع:
- Georg Graf, Geschichte der chrislichen arabischen Literatur, Biblioteca Apostolica Vaticana,
الترجمة العربية للأب د. كامل وليم، غير منشورة.
Città del Vaticano. - Youhanna Nessim Youssef, "Jean Évêque d'Assiut, de Manfalut et d'Abu Tig et ses activités littéraires", Études Coptes VIII, Association Francophone de Coptologie, Lille- Paris, pp. 311-318.
[3] مخطوط 740 مسلسل/286 طقس بمكتبة الدار البطريركية القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة، الورقة 46ظ.
[4] مخطوط 742 مسلسل/ 73 طقس بمكتبة الدار البطريركية القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة، علماً بأن هذه المخطوطة تحوي ترتيب البيعة، وقد نشرها المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها بنفس العنوان سنة 2000م، راجع الكتاب المذكور، ص 54.
[5] مخطوط 32 قبطي بالمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس، الورقة 36 ج.
[6] المخطوط السابق، الورقة 191ج.
[7] مخطوط 98 مسلسل/23 تاريخ بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم بالقاهرة، الورقة 26ظ.
[8] المخطوط 621مسلسل/80 تاريخ بمكتبة الدار البطريركية القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة، الورقة 114ج.
[9] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (وحالياً بالمقر البابوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون)، الورقة 64ج.
[10] المخطوط 98 مسلسل/23 تاريخ بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم بالقاهرة، الورقة 26ظ.
[11] Youhanna Nessim Youssef, op. cit., p. 316.
[12] المخطوط 98مسلسل/23 تاريخ (السابق الذكر) ورقة 26 ظ؛ والمخطوط 621 مسلسل/80 تاريخ (السابق الذكر)؛ والمخطوط 302 مسلسل/298 لاهوت (السابق الذكر)، ورقة 62ج.
[13] المخطوط 740 مسلسل/286 طقس (السابق الذكر)، ورقة 46ظ، 127ظ.
[14] دوينة: من البلاد القديمة كانت تتبع طوخ بكريمة التي تجاورها وقد وردت في كتاب قوانين الدواوين من الأعمال الأسيوطية باسم طوخ الخراب، وفي دليل سنة 1804م، ورد أن طوخ بكريمة تعرف بدونية. كان بها بيعة أثرية على اسم القديس يوحنا المعمدان، وردت قصة نشأتها بمخطوطة من القرن الثامن عشر، ونلخصها فيما يلي: كانت شابة عذراء ابنة أرخن غني في مدينة الإسكندرية وكانت وحيدة لوالديها، خُطبت لشاب غني مثلها وهُيأ لها العرس، وفي الليلة التي سبقت الزواج رأت القديس يوحنا المعمدان في رؤيا بمجد عظيم.
ولما سافر البابا ثاؤفيلس البطريرك الـ32 (385-412م) إلي الصعيد ورافقته العذراء وكانت تبني الكنائس علي اسم القديس يوحنا المعمدان من مالها الخاص ولما وصلت إلي غربي قرية بكريمة أعجبها المكان وشرعت في بناء كنيسة علي اسم يوحنا المعمدان، وتم البناء في اليوم الثاني من شهر توت. ولما أعلمت الأب البطريرك، فَرِحَ كثيراً وباركها وأرسل الآباء الأساقفة المتاخمين لها لتكريزها، ولما تم التكريز يوم 2 كيهك قد أتخذتها كدير تنسكت فيه مع بعض العذارى، ولما خربت بكريمة عمر عوضها قرية تُدعى دوينة وتفسيرها الوحيدة. ولما تنيحت العذراء الناسكة دُفنت فيها. والكنيسة لا تزال قائمة حتى اليوم.
هذه المعلومات نقلاً عن ميمر بمخطوط نسخة الشماس صليب بن معتوق بن مكر(م) الله المهندس ابن القمص يوحنا خادم كنيسة أبو سرجة بمصر المحروسة بخط قناطر السباع تاريخه 1479ش-1763م، راجع: مقالة القمص ميصائيل بحر، "تاريخ أبوتيج"، مجلة رسالة المحبة، العددان 9 ،10، نوفمبر وديسمبر 1983م- هاتور وكيهك 1700ش، السنة 49، ص 276-277، والمخطوط 109 مسلسل / 486 تاريخ، بالمتحف القبطي بالقاهرة، راجع، سميكه، فهرس المخطوطات القبطية والعربية، ص 58.
ومن الطريف أن المؤرخ العّلامة المقريزي يذكر في مؤلفه الشهير المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، تحت اسم دوينة، ما يلي: "ناحية دوينة (بها) كنيسة على اسم بو يحنس القصير وهى قبة عظيمة وكان بها رجل يُقال له يونس عمل أسقفاً وأشتهر بمعرفة علوم عديدة فتعصبوا عليه حسداً منهم له على علمه ودفنوه حياً وقد توعك جسمه" كذا، راجع طبعة الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة الذخائر 54، ج 4، سنة 1999م، ص 519. وبالتأكيد المقريزي لا يقصد شخصية الأسقف الذي نحن بصدده الآن، حيث أنه (أي المقريزي) توفى سنة 845هـ (= 1442م)، بينما الأنبا يوأنس الذي نحن بصدده تنيح حوالي سنة 1460م.
[15] مخطوطة 286 طقس (السابق الذكر)، الورقة 16ج، 41ظ.
[16] مخطوط 621 مسلسل/80 تاريخ (السابق الذكر)، الورقة 114ج.
[17] مخطوط 621 مسلسل/80 تاريخ (السابق الذكر)، الميمر الرابع، الورقة ، راجع: كتالوج سميكة، ص 280.
[18] المخطوط 740 مسلسل/286 طقس (السابق الذكر)، الورقة 46ظ، 127ظ؛ المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر).
[19] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر)، الورقة 63ج، 64ج.
[20] مخطوط 742 مسلسل/ 73 طقس (السابق الذكر).
[21] كتاب الإبصاليات والطروحات الواطس والآدام المُستعمل تلاوتها في جميع كنائس الكرازة المرقسية، طبعة القمص فيلوثاوس المقاري، المعلم ميخائيل جرجس، مطبعة القديس مكاريوس بمصر القديمة، سنة 1630ش 1913م، صـ 66-70.
[22] فالتقليد الأرثوذكسي يقضي أن تكون الأبصالية ترتيلة تًتلى لاسم ربنا يسوع المسيح كعبادة، بينما الثيؤطوكية تُرتل لوالدة الإله القديسة العذراء مريم كتمجيد وإكرام.
[23] مخطوط 742 مسلسل/ 73 طقس (السابق الذكر).
[24] راجع كتاب الإبصاليات السابق الذكر، ص 97-102.
[25] المرجع السابق، صـ 93-98.
Youhanna Nessim Youssef, op. cit., p. 316-317. [26]
[27] الأبصلمودية الكيهكية، طبعة إقلاديوس يوحنا لبيب، سنة 1627ش-1911م، صـ 35، 51، 65، 78، 92، 106، 119، 133، 147.
[28] المخطوط 32 قبطي باريس، (السابق الذكر)، الورقة 36ج.
[29] الإبصلمودية الكيهكية، صـ 793-795 ، 802-804 ، 809-811 ، 817-819 ، 825-827 ، 832-834 ، 868-871.
[30] من الطريف أن مخطوط ترتيب البيعة تنسب قطع تفاسير سامودي لليالي الأحاد للمعلم يوحنا القليوبي، راجع الكتاب المنشور لهذا المخطوط، ج2 صـ 52، وهي قطع منشورة بالإبصلمودية الكيهكية من صـ 793-832، وهي قطع شديدة الشبه بقطع الأنبا يوأنس، فلعل من هنا جاء الخلط.
[31] الإبصلمودية الكيهكية، ص 793.
[32] كتاب المدائح الروحية حسب طقوس الكنيسة القبطية جمع وتنقيح وتهذيب وترتيب المعلم فرج عبد المسيح مرتل كنيسة السيدة العذراء بروض الفرج والأرشيدياكون (كذا) جميل توفيق إبراهيم رئيس شباب مار جرجس بالقللي (القس إبراهيم فيما بعد، بكنيسة الأنبا بولا بأرض الجولف)، ط1 سنة1675ش=1959م، صـ311-317.
[33] المرجع السابق، صـ353-ص356.
[34] راجع، جراف، مرجع سابق.
[35] داود، نبيه كامل، تاريخ كنيسة الملاك ميخائيل البحري، ص 33-34، وذلك نقلاً عن المخطوط 98 مسلسل/23 بكنيسة العذراء بحارة الروم، الورقة 26ظ ؛ والمخطوط 48 طقس بمكتبة المتحف القبطي بالقاهرة، راجع: Mohamed Fathy Khorshid, “Study of the Arabic manuscript (Maimar) in the Coptic Museum, Cairo : No.
48-Liturgy”, BSAC 39, 2000, pp. 149-156.
[36] مخطوط 740 مسلسل/286 طقس (السابق الذكر)، الورقة 127ظ.
[37] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر)، الورقة 57ظ-58ج.
[38] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر)، الورقة 64ج.
[39] "شرق الخصوص" أي المقصود به مدينة ومركز "أبنوب" بمحافظة أسيوط حالياً.
[40] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر).
[41] المخطوط 740 مسلسل/286 طقس (السابق الذكر)، الورقة 46ظ، 127ظ؛ المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة، (السابق الذكر).
[42] المخطوط 72 طقس بكنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس الشهير بأبي سيفين بمصر القديمة (السابق الذكر)، الورقة 63ج، 64ج.
[43] المخطوط 302 مسلسل/298 لاهوت بالمكتبة البطريركية بالقاهرة، الورقة 62ج.
[44] وفيما يلي اسماءهم حسب ترتيب أقدمية الرسامة:1. انبا ايساك المنياوى الكبير (أسقف منية القديس ابا فيس) 2. انبا غبريال السوهاجى (أسقف ابصادي) 3. انبا ايساك التلاوى (أسقف سندفا والمحلة) 4. انبا غبريال النقادى (أسقف قفط) 5. انبا ميخاييل المحرقى (أسقف القوصية) 6. انبا يونس الاسيوطى (أسقف أسيوط ومنفلوط وشرق الخصوص وأبوتيج) 7. انبا يونس الفيومى (أسقف الفيوم).
[45] المخطوط 32 قبطي باريس، (السابق الذكر)، الورقة 191ج.
[46] G. Troupeau, Catalogue des Manuscuts Arabes, Premiere Partie, les Manuscrits Chretiens, tome I, Paris 1972, pp. 124-127.
ومما هو جدير بالذكر، أن العالم Paul Sbath أشار في مقال له بعنوان Monuscrits Arabesd, Auteurs Coptes، في مجلة جمعية الآثار القبطية،Bullin de la Societe l'Archeologie, vol. V, 1939, p. 170 ، غير أن العالم Sbath أخطأ حينما نسب الأنبا يوأنس إلي القرن الـ 13 الميلادي، لكن الأصح أن الأنبا يوأنس أسقف أسيوط وتوابعها هو واحد من أشهر رجالات القبط في القرن الـ 15 كما أثبتنا من خلال هذه المقالة.
[47] Troupeau, op. cit.
[48] وهى مخطوطة ترجع للقرن السابع عشر الميلادي، مرقس سميكه باشا ويسى عبد المسيح أفندي، فهارس المخطوطات القبطية والعربية الموجودة بالمتحف القبطي والدار البطريركية وأهم كنائس القاهرة الإسكندرية وأديرة القطر المصري، ج 1، القاهرة 1939، غير أن الفهرس يذكر اسم واضع الميمر خطأً باسم الأنبا بولس أسقف أسيوط ولكن صحته، أنبا يوأنس، ص 289.
[49] Youhanna Nessim Youssef, op. cit., p. 315.


ملاحظة هامة: هذه المقالة تم نشرها بمجلة الكرمة الجديدة، العدد الثالث (2006م)، ص 219- 230.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق